ثرثرة (12)

88118488_3502347759839776_6705119336958263296_n

خلال شهر رمضان مبارك كانت هناك نعمة، من نعم الله التي لا تعد، لقيت اهتمامي وتفكري فيها أكثر من غيرها، وتلك كانت نعمة اليدين، وتحديدًا الكتابة باستخدام اليدين. دومًا أشبّه القراءة والكتابة بالمهارات السحرية التي تفتح لك عوالم مدهشة، لكن في هذه الفترة ينصب تركيزي على التفكر كيف أن بوسع الإنسان باستخدام هذه الأنامل المعدودة وبمعاونة قلم أو لوحة المفاتيح أن ينسخ أو يبتكر جملًا وفقرات جديدة! شعرت بأهمية عضو أساسي كاليدين للكاتب تحديدًا، ووجدت تشابهًا مع أهميتها لأي رياضي أو فنان يستخدمها، وكيف أنه قد يعزم الاعتزال في حال حصلت مشكلة بهما.

شعرت أنني أحب هذه النعمة كثيرًا وأنني ممتنة لله جدًا لوجودها. صحيح أن تقنيات حديثة بدأت تظهر تساعد على الكتابة باستخدام الصوت، وربما قريبًا بإشارات من الدماغ، وهذا شيء جيد قد يساعد من يجد صعوبة في الكتابة لضعف يديه أو بصره، ويحل مشاكل أخرى (وربما يسبب غيرها)، لكن الكتابة باليدين لا يعدلها شيء، مع تحيزي للكتابة بالقلم على الورقة تحديدًا. أحب تلك اللحظات التي أستطيع بها نقل ما برأسي على هيئة كلمات وجمل باستخدام هاتين اليدين، وأحتفل بكل مرة أنجح بها بإخراج ما أريد قوله، ببساطة.. أنا أحب الكتابة.

ولأنني أحب الكتابة فأحب أن أكتب أكثر وأكثر، وها قد جئت اليوم لأكتب، وأعتقد أن أفضل بداية بعد بعض الغياب هي ثرثرة جديدة.

95221774_2619621768294963_1754765797097472000_o

  في أوائل آذار قررت الذهاب إلى قريتنا في إربد في زيارتي السنوية في مثل هذا الوقت، لتكون إجازة ربيعية لطيفة وقصيرة أعود بعدها لممارسة حياتي بنشاط أكبر. بدأت زيارتي بحماس كبير ومشاوير كثيرة، ثم شاء الله بعد أيام قليلة من ذهابي وبسبب الظروف الراهنة أن تٌغلق الطرق بين محافظات المملكة، وهكذا بقيت هناك، وطالت زيارتي “القصيرة” حتى ما قبل شهر رمضان المبارك بأيام، وفي النهاية والحمدلله عدت لمنزلي الحبيب وغرفتي الدافئة وأهلي الأعزاء. وبفضل الله طوال مدة مكوثي هناك لم أشعر بالضجر أو الضيق والرغبة الملحة بالعودة إلى المنزل، رغم أنها كانت تنتابني في رحلات سابقة إذا ما طال المقام.

قضينا أيامنا في المنزل، تحفنا حديقة خضراء جميلة، غالب الأيام كانت هادئة ونوعًا ما منظمة، والأيام السيئة والحمدلله كانت قليلة جدًا. كالكثيرين، ازداد عدد وجباتنا، وأضيفت فقرات جديدة إلى ساعاتنا، نتواصل مع الأحبة بالتكنولوجيا، وإذا ما حالفنا الحظ كنا نقتنص بعض الوقت للحديث مع الجيران من خلف الأسوار. أحسست أنني اقتربت أكثر من بنات خالتي وحظينا بمساحتنا الخاصة –وحدنا-أكثر، وربما رأينا الجوانب المظلمة في كل منا بوضوح أكبر😅. بعد ثلاثة أسابيع من الحجر المنتظم ومع تخفيف إجراءات الحظر وتحسن الظروف الجوية، زرنا بيت جدي وأقمنا لديهم ثلاثة أيام، وكانت من أجمل أيام رحلتي هناك. وحين حانت لحظة الرحيل، والتي لم تكن مؤكدة، زاحمتني المشاعر المختلطة من سعادتي بالعودة وحزني للرحيل. أسأل الله أن يكشف الغمة ويجمعنا عن قريب أجمعين.

للأسف لم يأتِ ربيع هذا العام بطقس جميل إلا في قليل من أيامه، فيتناوب البرد والمطر المصحوب بالرعد ثم الريح المغبرة أو الشمس الحارقة، تبدُل الطقس عمومًا يؤثر في مزاجي ويزيد قلقي من المرض، أما برد نيسان فلا يشابهه برد، لكنه مضى والحمدلله. بالنسبة لرمضان هذا العام فكان خفيفًا لطيفًا، الصيام سهل، والأيام تمضي سريعًا، وأنا أحب نظامي فيه. المختلف هذا العام كان أن أسرتين من إخوتي يقطنون معنا، فالحمدلله لم يشعر والديّ بالوحدة التي كانت ستحصل لعدم تمكن أيًَ من إخوتي من القدوم ومشاركة الإفطار. وانقضى رمضان بسلام ومر العيد أيضًا بسرعة، وها نحن الآن في غرة حزيران الجميل والصيف الأحب💛.

https36.media.tumblr.com7fdaa0d1f732cd09deae2e8bf1acd878tumblr_nsz6leu42c1qf8em3o2_r1_540

أحب الصيف، أحبه جدًا! لا بدّ أنني أضجرت من حولي وأضجرتكم بهذا، لكن ما الضير في التعبير مرارًا عن الحب؟😁 أحب الصيف والشمس وما له علاقة بهما. حين يحل الصيف أشعر نفسي شخصًا جديدًا، أتحول لكائن نشيط خفيف لا يكفُ عن الإشراق والابتسام، وكأنني ألتقي صديقًا قديمًا تركته عند أواخر الصيف وعدت لأجتمع به الآن، وكأنني طفلة مستعدة لتمضي جلّ وقتها وطاقتها في اللعب والاحتفال.

في الصيف لا تختفي الهموم، ولا تتبدد الصعوبات، لكن بالمقابل تجتمع في ذهني كل الأفكار المبهجة، وتختطف ذاكرتي تلك الذكريات الحلوة، تتحول العديد من النشاطات لمهرجانات، وتزداد عذوبة النكهات والنغمات، وتعبق في الجو رائحة الحب التي يحملها النسيم. حركة ولعب في الخارج حتى التعب، فاكهة متنوعة الأصناف، ملابس أخف وبألوان أروع، سهرات عائلية يملؤها التسامر والضحك، وليل آسر تزينه أضواء المدينة وتحفه أصواتها. بعد كل هذا كيف لا أحب الصيف؟ كيف لا أحبه وهو يجعلني أجمل وأسعد وبصحة أفضل؟ كيف لا أحبه وأنا فيه ولدت؟ كيف لا أحبه وأول ما يطالعني فيه كل صباح هو شعاع الشمس المشرق؟

أسأل الله أن يبارك في صيفنا هذا ويكلل ساعاته بالأفراح والمسرات، ويحشد ثناياه بذكريات ملونة ترتحل معنا على مدى الأيام.

https41.media.tumblr.comdef1aa3b708cf3863ae9b11c86e3816atumblr_ns2iys5SlY1sbyueno1_1280

توصيات

توصية اليوم بطلب من الأخ علي محمد علي، فقد قام بجمع 153 قناة يوتيوب عربية صغيرة (يقل عدد مشتركيها عن 50 ألفًا) تقدم محتوى هادفًا ونافعًا، ثم ووضعها في ملف واحد مصنفة حسب المجالات المختلفة؛ وهذا من باب دعمها وتعريف الناس بها. من هنا يمكنكم الاطلاع عليها، وهنا الفيديو من أجل تفاصيل أكثر.

أرجو أن تجعلوا لي نصيبًا من دعائكم.
صيفًا سعيدًا✨

22 فكرة على ”ثرثرة (12)

  1. نعم الله كثيرة علينا، وللأسف لا نذكرها إلا عندما نفقدها، وكما قال الله تعالى: وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ . نسأل الله أن يجعلنا منهم
    الصيف عندنا في السودان لا يطيقه حتى أهله، حيث تصل درجات الحرارة إلى 45 درجة في الظل، أما في الشمس أظنه يصل إلى 60 درجة مع جفاف شديد، لكنه أفضل من صيف في بلد شديد الرطوبة، حيث جربته في دبي وفي الصين، وحتى في بورتسودان على البحر اﻷحمر كان لا يُطاق.
    أتمنى أن أزور أحد بلاد الشام في الصيف لأستمتع بهذا الطقس المعتدل

    Liked by 1 person

    1. الحمدلله دائمًأ وأبدًا
      أدام الكريم نعمه عليكم وعلى جميع المسلمين.
      دائمًا ما تذكرني تعليقاتك بحظي لوجودي في مثل هذا المكان، فشكرًا لك
      وأهلًا وسهلًا في الشام☘

      إعجاب

  2. في أحد الحوادث الخاصة بممارسة رياضة الدراجات الهوائية أصيب أحد أصابعي إصابة بالغة (قطع في الوتر) واضطررت لإجراء عملية جراحية، ولم يتوقف الأمر عند ذاك بل كان هناك بعدها علاج طبيعي لمدّة 6 أشهر، شعرت بنعمة اليد بعد هذا الحادث بشكل أكبر عن السابق، أيضًا بسبب أن عملي معتمدًا على الإنترنت فلولا وجود يدين لما وصلت لما أنا عليه الآن من مهارات وانجازات مهنية، شكرًا على التدوينة الرائعة أختي الكريمة.

    Liked by 2 people

    1. ممتنة جدًا لمشاركتي تجربتك :)
      والحمدلله على سلامتك، دمت بعافية وخير
      الشكر لك لمرورك وتعليقك، وكذلك لنشر رابط تدوينتي

      Liked by 1 person

  3. تنبيه: كيف حوّلت مكتوب مستقبل الويب العربي وريادة الأعمال - مدونة محمود - تقنية وانترنت

  4. تنبيه: روابط: العنصرية – صفحات صغيرة

  5. نعم من آثار الحجر الصحي هي وجود الوقت للتفرغ لهواياتنا ومشاعرنا ومواهبنا لتتفتق ، الكثيرون ينتظرون الصيف من أجل أن يخف الوباء ، ومن أجل الخروج الى الاجازات أو السفر حتى ، الصيف مرتبط عندنا بحرارة الجو مع الاجازة ، لكن دائما ما يكون جميل .

    شكرا لك

    Liked by 1 person

  6. بالنسبة لي كان الصيف وما زال مصدراً للبهجة التي أصبحت ملازمة لي كلما حلّ علينا مع أن أغلب أسباب تلك البهجة مستمدة من أيام الطفولة … كان الصيف بالنسبة لي هو الوقت الخالي من المدرسة والمتاح فيه القراءة … كان الصيف هو مجلة العربي الصغير وألغاز المغامرين الخمسة وزيارات الأقارب خاصة من كانوا يعيشون في مدن سوريا الأخرى
    أبعد الله عنك كل هم ورزقك حياة هانئة .

    Liked by 1 person

  7. تنبيه: من هنا و هناك -2 – من تسنيم

  8. Esraa Bsharat

    ثرثراتك مبهجه حبوبه
    في أغلب الأحيان قد لا نعرف قيمه النعمه الا بعد فقدانها أو بحصول الأذى
    الله يديم النعم علينا ونكون دائما من الشاكرين

    Liked by 1 person

اترك رداً على MidooDj إلغاء الرد