عزلة عن الشبكة: القرار

d1c402baaabedc9a2c1ccf3a74edca20
في الأسبوع القادم إن شاء الله أنوي تجربة شيء جديد، ستكون تجربة “العزلة التقنية“. في الغالب أنا لا أحب الحديث عن الأمور والقرارت قبل حصولها، لكن ربما تكون الكتابة دافعًا أكبر للالتزام.

في الحقيقة هناك موضوع يشغلني بالعادة، وهو تعلقي واستخدامي الكبير للتكنولوجيا. ورغم معرفتي أن من أهم الأسباب في ذلك هو أن جزءًا مهمًا من النشاطات التي أفضلها وأجيدها غالبًا تؤدى من خلالها، لكن أيضًا يزعجني بقائي حبيسة للشاشات لمدة غير قصيرة من يومي. جربت بعض الطرق لتخفيف ذلك، والحمدلله آتت نتائجًا مثمرة، خصيصًا مع استعمال الهاتف، لكن لا أظن ذلك كافيًا وينبغي أن يحدث تغيير أشمل، ربما في طبيعة نشاطاتي نفسها!

أنا أحب التقنية، أحبها فعلًا، وأحب تسهيلها لعدة أمور نفعلها، شكرًا لكل تلك الأجهزة التي جعلت من مهمات كثيرة شاقة تنجز بشكل أيسر وأسرع، شكرًا للشبكة العنكبوتية على إتاحة هذا الكم من المعرفة والمعلومات والتواصل، شكرًا للمطورين -النبلاء منهم- الذين يحاولون أن يعثروا على الحلول التقنية لما يواجهه الناس من مشاكل. ومقابل هذا الكم الكبير مما تشكر عليه يظهر –بطبيعة الحال- ما تلام عليه كذلك، شخصيًا أحاول قدر الإمكان أن أنأى بنفسي بعيدة عما يضرني، وألا أنجرف بالتسلية والمرح باستخدامها، وأبرز الأمثلة هو ابتعادي عن وسائل التواصل الاجتماعي. بالمختصر: أنا أحب التقنية ولا أوافق أعداءها ممن يرون أن الحياة كانت لتغدو أفضل دونها، لكن ذلك أيضًا لا يمنعني من رؤية كيف أنها أحيانًا بشكل ما تستنزف حياتي.

ما أتى لي بفكرة هذه التجربة، اجتماع عدة مؤشرات ظهرت لتنذرني بشأن نمط حياتي الحالي، والذي أحبه بالمناسبة ويوفر لي إنتاجية جيدة جدًا، لكن كمحاولة لتحسينه وتخفيف احتلال التكنولوجيا لأيامي. تزامن هذا مع إطلاعي على أكثر من مادة مرئية ومسموعة حول أهمية التمهل والعيش ببطء أكثر في خضم طبيعة حيواتنا الآن (وهو من الأشياء التي أؤمن بها)، كل هذا أشعرني بالتعب، عندها تذكرت قراءتي في أحد المقالات لاقتراح الابتعاد عن الشبكة كل فترة والثانية، فقلت لم لا؟

كانت لي بعض المحاولات السابقة في هذا الصدد، لكن هذه ستكون الأكثف والأطول، فمثلًا في رمضان أقوم بتعطيل عدد لا بأس به من تطبيقات الهاتف، والالتزام بأمور معينة، وفي أيام أخرى أذكر أيضًا إبعاد هاتفي عني من الصباح للليل، وأحيانًا أحرم نفسي من استعمال الحاسوب لأنني أرهق نفسي بالأعمال حتى يبدأ جسدي بإنذاري (كما حصل منذ فترة)، وأذكر عمومًا إلتزامي أيضًا. المختلف هذه المرة أنني سأوقف إتصال الانترنت في أجهزتي، سأضع الهاتف على الوضع Extreme Saver مما سيحدني بوظائف أساسية قليلة، بشأن الحاسوب لا أعلم بعد لكنني في الغالب ربما استعملته (بدون إنترنت طبعًا) لأغراض معينة.

2

في البداية عندما واتتني هذه الفكرة شعرت بالقلق، أولًا لأن ابتعادي عن الشبكة يعني تعطل بعض الأعمال، لكن عدت لأتذكر أن كل شيء بإمكانه الانتظار، والحمدلله لا يوجد في الفترة الحالية شيء ضروري مستعجل، وستكون بمثابة الإجازة منها. من جهة أخرى تخيلت أن أوقاتي ستكون فارغة أكثر (نسبة لمعرفتي بنمط حياتي الحالي)، وهنا بالطبع يأتي دوري بملئ أيامي بالبديل، وتذكرت أنني أحيانًا فعلًا تكون أيامي مزدحمة بما لا يدع لي مجالًا لاستخدام التقنية كثيرًا أصلًا، ولا تكون أيامًا بتلك الراحة، لكن عدت لأقول أن تلك الأيام في العادة تكون كذلك بسبب بعض الالتزامات العائلية المكثفة أو المزدحمة والحالات الطارئة المجتمعة، مما لا يدع لي الوقت لفعل شيء لنفسي، وهذا ما يزعجني عادة، فليست الفكرة فقط بالابتعاد عن التكنولوجيا فقط وإنما استثمار الوقت بشيء آخر.

بدأت البحث وكتابة ما يمكن فعله بعيدًا عن الشبكة، خرجت بنتائج كثيرة، وشيئًا فشيئًا بدأ يتحول القلق إلى شعور بالحماس (سبحان الله! الحماس الذي كنت في آخر تدوينة أخبركم عن افتقادي له). وعرفت أيضًا أن قيامي بهذه الخطوة سيوفر لي تحقيق عدة أمور كنت أفكر بها كزيادة عفويتي، والقيام ببعض المغامرات الصغيرة، وإنجاز بعض المؤجل.

الابتعاد عن الشبكة والتكنولوجيا عمومًا يعني أيضًا بطريقة ما محاكاة أيامنا قبل تطور وتوسع التقنية بهذا الشكل، ورغم أنني ممن لا يدعون مجالًا للنوستالجيا (الحنين إلى الماضي) بشكل كبير، وأفضل عيش زماني الحالي، لكنها ستكون فرصة جيدة لاستعادة الذكريات والخوض في بعض الأشياء القديمة (والتي أحبها بالمناسبة).

ربما يظهر السؤال: ماذا بشأن الآخرين؟ حسنًا، أعتقد أنني بت أجيد قول “لا” لهم، وأهل المنزل اعتادوا على نشاطاتي “الغريبة بنظرهم” كل فترة 😅.

أتمنى فعلًا أن تكون عزلة جميلة ومفيدة، وأن أخرج منها باقتراحات وسلوكيات عملية أطبقها فيما بعد، وكعادتي لن أرفع سقف توقعاتي، لكن رجائي بكل خير، وسأعود لإخباركم بالنتائج 😉

19 فكرة على ”عزلة عن الشبكة: القرار

  1. خطوة جميلة وموفقة بإذن الله 👏🏾👏🏾👏🏾
    التنكلوجيا تستنزف معظم وقتي وطاقتي أنا الأخرى، جربت أن أقوم بنفس الخطوة سابقاً لفترة وجيزة وكانت فعلاً مثمرة.. بإمكاني ملاحظة الفرق في شخصي حينها وما أنا عليه الآن. أقوم في كل فترة بإتخاذ نفس القرار ولكن دون تنفيذ أو أستمر لفترة لا تُذكر وأعود لنقطة البداية.
    تدوينتك حمستني للتفكير بهذا أكثر ومحاولة إصلاح المشكلة.

    Liked by 1 person

  2. فعلًا حالة السُعار لوسائل التواصل الحالية مُهلِكه للعقل والروح على حدٍّ سواء ، ونحتاج هذا التوقّف بحياتنا ، نعيد ضبط ونتوازن .

    عزّله ثريّه ونقيّه أتمناها لك 💘

    Liked by 1 person

  3. غادة المالكي

    جدا متحمسة لتدوينة النتائج لأن أسلوب حياتي الحالي يكون بلغالب أمام الكمبيوتر او الهاتف 🍃

    Liked by 1 person

  4. تنبيه: العزلة عن الشبكة: الاستعداد – نواريات

  5. تنبيه: روابط: هل تذكر فيجوال بيسك؟ – صفحات صغيرة

  6. تنبيه: ليست عُزلة تامة – صفحات زرقاء

  7. تنبيه: وفجأة سألت نفسي: لماذا أكتب إذًا؟ - مدونة م.طارق الموصللي

أضف تعليق