ثرثرة (5)

شكرًا جزيلًا لك إن كنت ممن يحرصون على قراءة ثرثراتي، ويجدون فيها ما ينفعهم أو يسليهم، شكرًا إن كنت تكمل قراءتها كلها دون أن تشعر بالممل منها.🌺

tumblr_p180quZRZC1r3i9hjo1_1280

كنت قبل فترة أتحدث مع الصديقة تسنيم عن بعض المواقف التي قد نتصرف أو نفكر فيها بشكل يحاكي الآخرين رغم أنها ربما لا تكون تشبهنا بالفعل، وذكرت لي كيف أنها كانت تفكر فيما تريد إضافته إلى سيارتها حين تقتنيها وما هي المقاطع التي تريد لسماعات السيارة أن تصدح بها، وأنها في الحقيقة لم تفعل شيئًا من ذلك؛ لأنها ببساطة لم تكن تفضل هذه الأشياء. فذكرني هذا بما فكرت به كذلك عندما حصلتُ على غرفتي الخاصة أخيرًا، وأنني أردت تزينها وملئها بالملصقات والصور وسواها، وكيف أنني لم أفعل أيًا من ذلك، حتى أدركت في النهاية أنني حقًا أحب البساطة، ولا أحب للجدران أو الأبواب أن يملأها شيء (ربما شيء مركزي فقط).

سبحان الله عندما أتفكر فينا كبني البشر فرغم تشابهنا الكبير، لكن هناك المئات أو ربما الآلاف من التفاصيل التي نختلف بها عن بعضنا، وهذا بالفعل ما يميز كلًا منا ويعطيه جوهرًا أصيلًا، فحتى عندما أتأملنا على المستوى الجسدي بمجرد طبيعة البشرة أوالشعر مثلًا أجدها تختلف كثيرًا من شخص لآخر، وحتى التصنيفات التي تُوضع تكون عامة لتحوي العديد من التفاصيل تحتها. لكن رغم ذلك فالكثير مما حولك يريد أن يجعلك في قالب معين، أو بأحسن حال يقدم بعض التصنيفات المحدودة. وأرى بعيني كيف تبدأ شخصيات البعض بالذوبان والتقولب رغم محاولاتهم المقاومة في البداية. حتى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في ذلك، وكيف يمكن لشخصية من نمط معين أن تتحول ل”ترند” في فترة ما بسببها، رغم أنها مثلًا لم تكن مقبولة كثيرًأ اجتماعيًا قبل ذلك، لذلك أن تكون “نسيج وحدك” أمرٌ ليس بالسهل، وإنجاز أحييك عليه.

explore-mujgan-ozceylan-s-photos-on-flickr-mujgan-ozceylan-C0b1adebd6eb0e1af8f4cec2042508748

بالحديث عن أنماط الشخصيات، فلست عمومًا من الشخصيات التي يأخذها الحماس للأشياء، ولا يمثل  الحماس وقودًا كبيرًا في أعمالي، صحيح أنه يمكن لفكرة أن لا تدعني أنام، لكنني بشكل عام أتعامل مع غالب الأشياء بتروٍ وهدوء. وربما هذا أيضًا كان أحد أسباب استخفافي بالكثير مما في دورات التنمية البشرية (التي تعتمد التحفيز والشحن العاطفي على الأقل) وتأثري القليل بها، وتفضيلي لأسلوب الإنتاجية العملي.

بالإضافة لذلك فلست ممن يأخذون المجازفات أو يتوقون لتجربتها. يقول عبد الوهاب مطاوع -رحمه الله- في إحدى مقالاته حيث يصف موقفًا: “أنا من رجال الملاحظة، لا من رجال المغامرة”، استوقفتني هذه العبارة حين قرأتها، وسعدت أن وجدت من يشابه حالي. ولا أرى ذلك عيبًا، فهي مجرد طباع شخصية، تختلف من شخص لآخر، ولا بأس إن كنتَ كذلك. وأعود لأقول أنه بين الناس وفي الإعلام يُصور من يأخذه الحماس والمجازفة أنه الأشجع، لكن ألا يجب أيضًا أن ننظر للأمور بشكل أوسع ونقارن النتائج المكتسبة وميزات كل نوع وعيوبه؟ وكيف حال كل واحد حين وجود ما يثير الحزن والضيق في حياته؟ ولا أجد مانعًا من أن يجرب كل نوع نمط الآخر كل فترة، فالمجازفة مطلوبة أحيانًا وكذلك التروي.

tumblr_npekyfaPx11qeq0d5o1_500

أعترف أنني في فترة قريبة من حياتي –لبعض الأسباب والظروف- قد فقدت جزءًا كبيرًا من حماسي، فلم يعد يشعرني أي شيء به، ولم أعد تلك التي لا تتردد في الموافقة على الخروج لأي مكان، بل أصبحت أسعد أن تم إلغاء الموعد. وبما أن اختلال صفة في النفس يؤثر في صفات أخرى، فقد آثر ذلك أيضًا على عفويتي، وأصبح اتخاذ القرارات حتى الصغيرة صعبًا.

لكن بعد إدراكي للمشكلة بدأت باختلاق الحماس لنفسي (أليس الحلم بالتحلم؟)، فأصبحت أضع دفعات للحماس حتى لو لم تكن تعنيني شخصيًا (كموعد صدور كتاب أو مقطع مثلًا)، وللآن أعمل على هذا الأمر، وكالعادة سيأخذ وقتًا، و-إن كتب الله لنا العمر- سأخصص له حيزًا كبيرًا في العام القادم إن شاء الله، فأخوض تجارب ومغامرات أكثر.

وفقط أريد الإضافة أنني لست نادمة مثلًا أو حزينة لتلك الفترات الراكدة، ففي الحقيقة الإنسان متقلب، وتأتيه فترات يكون متطرفًا لأقصى اليمين أو الشمال، حتى يصل –بالعمل والصدق- لحالة من التوسط والاتزان بين هذه الأطراف، في تلك المساحة التي تتباين بينها شخصياتنا المختلفة.

sleeping-cat_01

أود منذ فترة فعل شيء ما، وهو شيء مهم، لكنني أواصل تأجيله؛ ليس بداعي التسويف، وإنما لأنني أشعر ببعض الخوف من اتخاذ هذه الخطوة، وهذا الخوف هو ما جعل الأمر يتأخر شهورًا وينتقل كمهمة مؤجلة في صفحات المفكرة، مع بعض الخيالات المزعجة والمؤلمة في الذهن، حتى أنها منعتني في إحدى الليالي من النوم. في الحقيقة قد يبدو الأمر الذي أريد فعله سخيفًا واعتياديًا بالنسبة للكثيرين، لكن سبحان الله لكلن منا مخاوفه الخاصة، فقد تواجه ما يهاب منه الكثيرون، لكنك تقف عاجزًا أمام شيء صغير.

وهكذا بدأت بتشجيع نفسي بمختلف الطرق ومنها تذكير نفسي ببطولاتي😋 وبكل تلك اللحظات التي كان يتجلي لي بها أن ما كنت أخشاه لا يستحق كل ذلك، حتى عمدت لقراءة مذكراتي. في النهاية عزمتُ أمري، وطلبت من المقربين مساعدتي، لم أعبر عن خوفي صراحة لكنني أعلنت عن رغبتي فيما أود فعله، وضمنت أن هناك من سيشاطرني هذا الهم الصغير بل ويمكن أن يهتم له أكثر مني. وعندما جاء اليوم الموعود –وبالاستعانة بالله- تلاشت أغلب المخاوف والحمدلله.

 دومًا ما كنت أقول أن الشخص يكون أقرب إلى نفسي كلما كان قادرًا على تحملي في أسوأ حالاتي، وكلما استطعت مشاطرته مخاوفي، أو تلك العيوب التي أحب تغييرها وأحتاج المساعدة بها. المشاركة ليست بالأمر السهل، وهي فن يحتاج بعض الفطنة والأهم التمرن والتجربة بكثرة. فشكرًا لكل من أستطيع مشاركته بعض نفسي دون حواجز.

best-funny-japanese-baby-1920x1080

أحيانًا أحب مشاركة بعض الأخبار السعيدة، أريد أحدًا يقاسمني هذا الشعور الذي أحمله، لكنني في بعض المرات لا أجد مَن يشاطرني الاهتمام بهذا الشيء المعين، فيبقى في نفسي. على سبيل المثال أن ينتصر لاعب أشجعه في مباراته، لكن للأسف لا أجد مثلًا من يتابع هذه الرياضة حولي لاحتفل معه! هذه الايام أنا سعيدة بإطلاق Mozilla لتطبيق Firefox Preview، الذي يعد نسخة تجريبية لما سيكون عليه المتصفح الرسمي فيما بعد، في الحقيقة هذا الأمر يسعدني جدًا، ومعجبة كثيرًا بالتطبيق الجديد وأن بإمكان المستخدم إبداء رأيه فيه، لكنني لا أجد حولي من يمكن مشاركته هذا الخبر؛ لأن الجميع يستعملون Chrome على هواتفهم، أو أنهم ببساطة لا يهتمون بهذه الأمور، لكنني فعلًا أحب لو كان هناك من يمكنني أن أخبره عن كل تلك الأمور التي أحببتها في التطبيق وما المزيد الذي يمكن أن أنتظره منه، بكل حال بما أنني لم أجد من أحدثه فقد قررت الكتابة هنا حتى لو لم يهتم أحد من القراء بذلك😁 عمومًا الحمدلله لا تتكرر هذه الحادثة كثيرًا فأغلب الاهتمامات أجد أحدًا من إخوتي أو صديقاتي يشاركني بها.

توصيات

في الثرثرة السابقة ذكرت أنني سأخصص فقرة في النهاية أوصي بها بمادة أو رابط، وقد قررت تسميتها ببساطة “توصيات”😁، توصية هذا اليوم هي عبارة عن إضافة للمتصفح، والهدف منها عرض خلفية بصورة مبهجة للتبويب الجديد مع عبارة تحييك (في أوقات اليوم المختلفة) واقتباس جميل، وهي تتبدل كل يوم، وهناك ميزات أخرى مثل كتابة to do list  قصيرة. أحب هذه الإضافة جدًا وتبهجني الخلفيات المستخدمة والتي هي في غالبها رائعة.

رابط الإضافة: Firefox | Chrome

photo_2019-07-07_22-39-59

13 فكرة على ”ثرثرة (5)

  1. غادة المالكي

    جدا كنت أحب متصفه موزويلا بس للاسف مرا خشيتو لقيت كل شيي فيه إنحذف فماصرت استعملو للامانه أستعمل إضافه الي وصيتي فيها جدا جميله وملهمه وخلفيات جميله جدا راح أكون بإنتظار توصياتك دائما

    Liked by 1 person

  2. Nisreen Hajasad

    أسعَد كلما رأيت ثرثرة من ثرثراتك، و لا أبدأ بالقراءة إلا و أنا جالسة في غرفتي بهدوء و تركيز لأنني أحب التمعّن في كلماتك و المواضيع التي تطرحينها، و غالباً أقرأها في الصباح أو في فترة ما قبل الغروب❤️
    أكثر فقرة شعرت بأنها قريبة مني بكل كلمة فيها – و من الممكن أن هذا غريب – هي فقرة فقدان الحماس ..ربما لأنني أعيش هذا الآن :’)

    أحببت مواضيع هذه الثرثرة كثيراً ، استمري🤗🌻

    Liked by 1 person

    1. وأنا أسعد دومًا بتواجدك ورؤية تعليقاتك نسرين💛
      شكرًا لاهتمامك بقراءة تدويناتي وإعطائها أهمية خاصة🌸
      سبحان الله دائمًا تلفتك الفقرات الأصعب على نفسي😀

      كل الشكر مجددًا

      إعجاب

  3. Dagher Haneen

    أحب الثرثرات وأفعلها دائماً مع نفسي
    ولأنك قد طلبت منا مشاركتك فيها وجدت قلمي عاجزاً عن الثرثرة..
    ربما لأنني اليوم فعلاً بحاجة للصمت دوناً عن باقي الأيام.
    سأعود لأترك ثرثرتي ذات يوم هنا بإذن الله 💖

    Liked by 1 person

  4. سبحان الله! أمس انا حاذفة من جهازي انستغرام، تويتر، سناب عشان السبب هذا! فعلاً لاحظت نفسي كأن اهتماماتي و الامور الي تعجبني و تجذبني قام تتغير مع موجات الهبّات الي أتعرض لها كل يوم بالسوشيال ميديا… بالإضافة إلى أسباب أخرى طبعا بس هذا كان من الي استوعبتهم متأخر و حسيته يطمس شخصيتي و يحطني بقالب تحدده هاشتاقات تويتر!

    Liked by 1 person

    1. ما شاء الله خطوة مباركة مريم :)
      أسأل الله أن يثبتك وأن تجدي البديل النافع الذي تملئين به وقتكِ عوضًا عن هذه البرامج
      دمتِ مميزة🌟

      إعجاب

  5. تنبيه: عزلة عن الشبكة: القرار – نواريات

  6. Raghad Altoukhi

    تشعرني ثرثراتك بالهدوء.. واحب دائما مافيها لبعدها عن مستجدات الحياه الكبرى… كما انها ايضا تشجعني لاكتب مثلك ببساطه وعما يجول بخاطري… ليس هدف الكتابه هو ان نمتلك فكره كبيره .. هو فقط ما نحب وبما نفكر ♥️♥️

    Liked by 1 person

أضف تعليق